إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده
تفسير سورة الكهف
29699 مشاهدة
الإيواء إلى الكهف

أخبر تعالى بأنهم آووا إلى الكهف، يعني: جاءوا إليه في ليل، أو نحوه، وأنهم اتخذوه مستقرا، فيقول تعالى: أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ يعني: جاءوا إليه، وذلك أن الله تعالى هداهم؛ إِمَّا بسبب دعوةٍ من أحد الصالحين دعوهم، وإما أنهم على بَيِّنَةٍ من أمرهم، حيث إن أهل تلك البلدة عندهم إيمان، وعندهم كفر، وعندهم علم وعندهم جهل؛ فهؤلاء الفتية اهتدوا؛ هداهم الله تعالى فتركوا بلادهم، وتركوا أقوامهم، واعتزلوا ما كان عليه أهل بلادهم، وانفردوا عنهم، ثم كان مأواهم. يعني: مبيتهم الذي اختاروه ذلك الكهف الذي أَكَنَّهُمْ، واستقروا فيه هذه المدة، واختفوا عن غيرهم، فأخبر الله تعالى بأنهم آووا إلى الكهف، يعني: دخلوا فيه.
وأنهم ابتدأوا بهذا الدعاء: رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا هكذا دعوا دعوة طيبة: رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً سألوا رحمة الله تعالى أولا، وسألوا الهداية، وأن يهيئ الله لهم الأمر الرشد. وقد استجاب الله تعالى دعوتهم.